منتدى دار النجاح

الإشعارات
مسح الكل

ملخص كتاب "التصورات الكبرى والتقدم" د. جاسم سلطان

1 مشاركات
1 الأعضاء
0 Reactions
44 مشاهدة
محمد نبيل كاظم
المشاركات: 818
Admin
بداية الموضوع
(@mohammed-nabil-kazim)
عضو
انضم: مند 4 سنوات
ملخص كتاب "التصورات الكبرى والتقدم" د. جاسم سلطان
مقدمة

التقدم الاجتماعي: مجموعة التصورات والقيم والمبادئ التي تشير إلى كيفية تفعيل إمكانية تقدم مجتمع ما في فترة زمنية ما".

وهي ما يحتاجه الفرد لينمو ويتطور، وما يحتاجه المجتمع ليتقدم ويتطور، سواء على مستوى المعرفة، أو على مستوى أساليب المعيشة والنظام والرفاهية، وهذه لها علاقة بما يأتي:

  • الأفكار: وهي تشكل وعي الفرد، بما يتعلق بمعتقداته وأفكاره.
  • المنظومات الحاكمة: في عقل الإنسان التي تفسر له الوجود، وتمنحه الإجابات على معنى وجوده وأهدافه في الحياة، وهي: ما يتعلق بمفاهيم: 1- الإنسان، 2- العلم، 3- العمل، 4- الوقت، 5- الطبيعة، 6- الآخرة، 7- الآخر القريب، 8- الآخر البعيد.
  • التصورات الكبرى: التي تفسر لنا الإجابات عما يعنيه الإنسان والعلم والمفاهيم الثمانية التي ذكرناها ومستلزماتها.
  • المفاهيم: القوالب الذهنية التي تشكل كمالات الأشياء الاعتبارية.
  • القيم: نوع خاص من المفاهيم المعيارية، التي نحاكم تصرفاتنا على أساسها.
  • المبادئ: ما نلتزم به من القيم بشكل واعي ونجعله في حيز الإجراءات والقياس.
  • السلوك: تصرفات الفرد بأنواعها.
  • الخلق: السلوك المطرد للإنسان حسنه وسيئة.
  • الإجراءات: تحويل القيم إلى أنظمة وإجراءات مؤسسية.

التصورات الكبرى للتقدم الاجتماعي

قضايا تتعلق بالقيم: مثل: العدل، والحق، والكرامة، وهذه لها:

  • سلم القيم: صعوداً وهبوطاً في المجتمع، وحياة وسلوك أفراده.
  • تفاعل القيم: مع ثقافة المجتمع وتطوره وأيديولوجيته.
  • تمركز القيم: في حالة التجارة، غيرها في حالة الأعراف الاجتماعية، والدينية.
  • رحلة القيم: عبر تصورات أفراد المجتمع عن العالم والحياة والكون، أما القيم المحررة فلسفياً تتعلق بنوع ثقافة المجتمع ومفكريه، أما القيم المتبناة فهي في مرحلة وعي ما في فترة ما من تاريخ المجتمع والأمة، وتحولها لإجراءات تكون في فترات بناء النهضة والتحول الحضاري، ولا تكتسب قيمة عالية حتى تكون محمية من الاختراقات.

التصورات الكبرى والمناظير: حين تكون خاضعة لمسطرة كونية أو مجتمعية، حين المنافسة الحضارية مع الأمم الأخرى، وهي تتعلق بما ذكرناه من ثمانية تصورات كبرى، ذكرناها سالفاً.

الإنسان:

هو محور التقدم والتنمية الأول: في الأرض، ولهذا كرمه الله وجعله خليفة فيها، لكن الناس اختلفوا بينهم فتحاربوا ومنهم من تسالموا وتعاونوا، لكن بقي الخلاف بينهم في الفجوة بين النص القانوني (والأعراف) والنص الشرعي (وفقهه)، وفي كلا الفريقين اختلافات جذرية بين بعضهم البعض، في حرفية النص وروحه، وهذا مداره على ما لديهم من علم، وإخلاص، وقلة علم وضعف إخلاص، ولهذا قال تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) و (وقل رب زدني علماً)، وسخر الله للناس ما في السموات والأرض، ليقوم الناس بالإعمار والقسط، (العدل) ومبدأ الفساد ومنطلقه تدني قيمة الإنسان وهدر حقوقه التي كرمه الله بها، ومنها:

الكرامة: (ولقد كرمنا بني آدم) ولكن كثير من الناس يتجاوز حقوقه، على حساب هدر حقوق الآخرين، وهنا يحل التنازع والفساد والدمار.

الحرية: تجعل الإنسان يقدر على فعل الممكنات لنفسه وغيره والتميز بها، ليتحقق من كرامته، وهذا ما يجعله يغير كثير من الأشياء، خيراً كان أو شراً لئلا يكون مكرهاً على شيء، وإن مصادرة هذه الحرية تحد من كرامته، إلا إذا كانت للحفاظ على توازنه وحقوق الآخرين حوله، وتتفاوت المجتمعات بتقدمها بالمساحة التي يمتلكها أفرادها من الحرية والكرامة.

الرحمة: هي إحدى أعظم صفات الله تعالى، وهي ظاهرة في الوجود كله، والمخلوقات جميعاً، ومنهجه لخلقه الذي تقوم عليها شرائعه تبنى عليها.

من المقدمات للنتائج:

1- مستوى الفرد: في تحقيق الكرامة والحرية والرحمة هو الذي يحدد مستوى العلاقات البينية في الحياة والمجتمع.

2- مستوى القوانين والنظم: في حفظ حقوق الإنسان وحماية ثلاثية التكريم والحرية والرحمة به، هي التي تحدد مستوى تقدم المجتمع وتحضره، (لعيشه التكافلي الكريم)، والخلل فيه يفسر آلية الفساد والهلاك والضنك فيه.

3- سؤالان يظهران مدى تحقق احترام الإنسان في المجتمع: الأول: هل هذه الحقوق لكل الناس، أم ان هناك معايير مزدوجة (بمكيالين)، والثاني: هل حقوق الحيوان والجماد والطبيعة تتساوى أو تفوق حقوق الإنسان، أم أن المعيار الأولي في المقدمة للإنسان والباقي تبع لخدمته، فيتحقق له رفعة استخلافه في الأرض وتكريمه؟.

4- الأسئلة الكاشفة لتصور الإنسان:

تتعلق بالمساواة بين الناس واحترام حقوقهم، بغض النظر عن اختلافاتهم القومية واللونية والمالية والمكانة والعمل.

هل نحترم وقت الإنسان في خدمته والتعامل معه ومع ما يحتاج إليه منا في العمل والوظيفة وتبادل الخدمات.

هل نعلِّم أبناءنا احترام الحياة والإنسان والبيئة، أم أننا نلقنهم التفاخر المزيف والتكبر واحتقار من هم دوننا.

الطبيعة:

تتعلق بقضية تسخير الله لها لخدمة الإنسان في تحقيق مهمته الاستخلافية في الأرض، ومن يمتلك سنن وقوانين الاستكشاف فيها يسود ويتفوق على غيره، وهذا لا يحققه سوى التعلم والعلم والتعليم.

محرك الكشف: قابلية الإنسان للتعلم، لتحقيق كليات وجوده الرئيسة: الكرامة والحرية والرحمة، والعدالة، وهذه لا وجود لكمالاتها إلا في معرفة الله وطاعته.

محرك التسخير: كل مكتشفات الإنسان واختراعاته، ورفاهياته هي نتاج هذا التسخير.

الأسئلة الكاشفة لتصور الطبيعة:

هي مدى حوارنا مع أبنائنا في احترام وتقدير التعرف على البيئة واكتشافاتهم لقوانينها وكنوزها، وهل ندرك ونعلم أبناءنا احترام ما منحه الله لنا ولهم من خيرات ومسخرات لتوظيفها في الإعمار وشكر الله عليها؟

العلم: يظهر لنا بشكلين:

1- الشكل الظاهر: للعلم معرفي تلقيني وحفظي، دون منهجية تفاعلية.

2- الشكل العميق: للعلم يتعلق بالاهتمام بالمنهج العلمي، والتفكير المنطقي، والتدريب التجريبي، لاكتشاف آليات ودقائق الناحية المعرفية، التي تثري تفكيرنا قبل إثراء ذاكرتنا الحفظية، وهو مسار لا يتوقف ولا ينضب، يزداد به الإنسان وعقله نوعاً وكيفية، قبل ازدياده شكلاً وكماً ومظهراً، وهذا ما يزيد في الإنتاج، قبل أن يزيد في الاستهلاك.

محركات العلم:

1- محرك السؤال والتساؤل: يتعلق بالتحقق والشك، وهما جوهر المعرفة، وهما مسطرة الوصول للحقائق أو النظريات، والطفل ليس بعيدا عن هذين السؤالين إذا لم يكبت ويقمع بالتلقين وحسب، والمناهج القائمة على تطوير هذين المنحيين، هي التي تتفوق على المناهج الهزيلة المتخلفة.

2- محرك النقد: معناه الحاجة الدائمة إلى التطوير والتقدم (الحنف) وإهماله يوقف مسيرة أي نهضة تطمح في التقدم مع إشراقة كل يوم وكل مرحلة.

3- إنتاج المعرفة: يقوم على استمرار محرك السؤال والتساؤل ومحرك النقد البناء، لمواصلة التزود بالجديد بعد مغادرة مقاعد الدراسة المحلية إلى مقاعد التعلم وفضاءاتها العالمية.

الأسئلة الكاشفة لتصور العلم: هي في مضمونها التنوعي، والشامل لألوان العلوم والمعارف، الدنيوية قبل الدينية، لأنها تتعلق بالقريب، والثانية تتعلق بالقريب والبعيد معاً، وهذا يعني لزوم التوازن في العلوم، والانفتاح كذلك، مع ملاحظة العملي في كلا الجانبين من العلوم، لأن النظري وحده يعيق تقدم العلوم، إذا لم يرافقه العملي البحثي والتجريبي.

العمل:

العمل يحققه كفاءة العنصر البشري، ولهذا كان الخطاب الرباني فيه، الأمر بالإحسان والاتقان، (أيكم أحسن عملاً)، واليوم بسبب التخلف في المجتمعات الإسلامية الحالية، لا يعمل بهذه المفاهيم وهذه القواعد، وكل أنواع العمل المختلفة تحكمها نظرتنا إليه وتقديرنا لأهميته سلباً أو إيجاباً، ومن محفزات تطويره وتقدمه ملاحظة الرقابة الإلهية فيه، قال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) ومسؤولية الإنسان عن أعماله هي الضامن لصلاحه وتقدمه ونفعه، ومثال: التمرة – والفسيلة – وثوب الحجر الأسود – والفأس وحبل الحطاب....الخ، ترمز إلى مفاهيم أخلاقية ومجتمعية لتمام نهضة الأمة في أعماله والفوز بالنجاح المطلوب.

خطورة تقزم مفهوم العمل الصالح: في بلادنا الإسلامية في عصور التخلف والتقهقر الحضاري، مع أن أعمال الرسل تنوعت بين العمل الزراعي، والصناعي والتجاري والسياسي والاجتماعي والعسكري والقضائي والأسري ....الخ، وانحصر لدينا اليوم في الصدقات والعبادات، بينما هو يحكمه في الأساس مفهوم "الفروض الكفائي" التي يحتاجها المجتمع المتكافل.

والعمل مرتبط بمحركات ثلاثة:

1- الإنجاز: يعتمد على المخرجات المطلوبة فيه لتوجيه العمل لتحقيقه.

2- الفاعلية: التوصل للمخرجات المطلوبة بغض النظر عن الوقت (السرعة) والتكاليف، والجودة.

3- الكفاءة: التوصل للمخرجات بأقل زمن، وبأعلى جودة، وأقل تكلفة.

الأسئلة الكاشفة لتصور العمل: هل نحن مجتمع يسد حاجاته باكتفاء ذاتي؟ ويرى أفراده أنه مسؤولية، ونحسن التخطيط، والمحاسبة، وأنه يشمل الفروض الكفائية كافة، وكل احتياجات المجتمع، ونحترم العمل الشريف، والمهن، ويقوم به القوي الأمين؟.

الآخرة:

الإيمان بالآخرة من أركان ديننا وحضارتنا، فهل هذا الإيمان ينسحب على أعمالنا وتصرفاتنا؟ بينما نجد مفارقات كبيرة بين تصديقنا بهذا المفهوم والأساس، وبين تصرفاتنا حيال دنيانا التي لا نراعي فيها هذا بالشكل اللائق، في المصداقية والإخلاص والإحسان والإتقان.

كوابح الدافعية نحو التقدم: هو المفارقة بين الاهتمام بالآخرة دون الدنيا، أو الدنيا دون الآخرة، لأن المنهج الإلهي شامل للمساحتين بشكل متوازن متكامل، وإهمال أحدهما ينسحب على المساحتين معاً.

مطلب التوازن: القرآن صيدلية دواء متكاملة شاملة، لجميع جوانب الحياة الممتدة دنيا وآخرة، قال تعالى: (وكان بين ذلك قواماً).

العمل الصالح بمعيار اليوم الآخر: هو (الصراط المستقيم) لجميع المؤمنين ومنهم الأنبياء والأولياء، والشهداء، والصالحون، وبيَّن كتابُ الله هذا في ممارسات هؤلاء المتعددة المتنوعة: موسى قاوم الطغيان، وعيسى طبب المرضى، وداوود صنع الأسلحة، وسليمان أدار الملك والقضاء، ويوسف الاقتصاد والزراعة، وذو القرنين السدود والحروب والحكم، ونوح صناعة النجارة والسفن، وشعيب قاوم الغش، ولوط الأمن الاجتماعي، وصالح قاوم الإسراف وإبراهيم قوم المنطق والاعتقاد، وإسماعيل وفى بالوعود، ومحمد صلى الله عليه وسلم بنى أمة ودولة وحضارة، وهؤلاء من أنعم الله عليهم، ومن تنكب عن طريقهم وسبيلهم ليس منهم في شيء سوى مجرد الانتساب المزيف.

الأسئلة الكاشفة لتصور الاخرة: هي التي تحمل في محتواها ومضمونها التكامل لسبيل النجاح في الأعمال المؤدية إلى تحمل مسؤولية الأمانة الكاملة، في عمار الدارين والمساحتين دنيا وآخرة.

الوقت:

الوقت هو أثمن بضاعة يمتلكها الإنسان، بل هو كيانه الذي يستثمر فيه محسناً أو مسيئاً، رابحاً أو خاسراً، (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا ...الخ)، يحكمه:

الالتزام: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" يرشدنا إلى قيمة الالتزام والاستثمار في الفرص ومنها الوقت، وخطط الاستراتيجيات الدنيوية والأخروية.

الزمن واتجاه النظر: بعض الأمم تركز اهتماماتها على الماضي بحجة التراث، وأخرى على الحاضر بحجة الوصول للرفاهية الآنية والماديات، وأخرى تركز على المستقبل وسباق الأمم خوفاً من الغلبة، وتكون أنشطة كلٌ منها بحسب اتجاه الزمن الذي تحصر فكرها فيه، والحقيقة الناصعة لدى من يخطط استراتيجياته في المراحل الثلاث، الاستفادة من الماضي لخدمة الحاضر والمستقبل.

الأسئلة الكاشفة لتصور الوقت: ما قيمة الوفاء بالمواعيد والالتزام بها لدى أفراد المجتمع؟، وما أهمية التخطيط المبرمج بوقت الإنجاز لديهم؟، وما أهمية ووضوح الاستراتيجيات المستقبلية؟، وما دقة الاستفادة من الماضي الإيجابي واجتناب السلبي لديهم؟ وما درجة الاستفادة من الماضي لخدمة الحاضر والمستقبل؟

 الآخر القريب:

لا يوجد مجتمع صافي في أعراقه وتركيبته السكانية، ولهذا فإن التنوع إما مدمر في اختلافاته، أو تحكمه قوانين المواطنة المتساوية، لتحقيق نموه واستقراره، وثقافة المجتمع هي التي تحدد مدى الاتفاق والاتحاد، أو التفرقة والانقسام، ومع الأولى الإعمار، ومع الثانية التناحر والاختلاف والدمار.

الاحترام: لجميع مكونات مجتمع ما هو الذي يضمن قوة وسلامة الأوطان، وغيابه يفتت اللحمة الداخلية للوطن.

المواطنة: تعني أن لجميع أفراد المجتمع حقوق وواجبات متساوية، تشكل هوية أفراده دون تمييز، وهذا ما يشعرهم بالكرامة والحرية والطمأنينة، إذا كان منصوصاً عليها في القانون والدستور، وهذه لا تكتمل إلا بوجودها وحضورها كقيمة ومبدأ والالتزام بها في ثقافة المجتمع، ولدى مفكريه، ووعيهم الجمعي، والتدوين القانوني والدستوري، وهيئاته الرسمية والمدنية والثقافية.

الأسئلة الكاشفة لتصور الآخر القريب: عبر الخطاب الوطني الموحد، والوعي الاجتماعي، والتدوين القانوني.

الآخر البعيد:

هو النظرة إلى الشعوب الأخرى التي ليس بيننا وبينها سوى أرض الله الواسعة، أو الحدود الجغرافية، وتختلف معنا في كل شيء سوى الأخوة الإنسانية، فهل ننظر إليهم بقيمة الأخوة الإنسانية " كلكم لآدم وآدم من تراب" فإن فعلنا استفدنا من هذه النظرة في التعاون على الخير والتعارف والتعاون ومنع الاحتراب والخراب، وإلا فإن مصائب الإنسانية من الخلل في فهم هذه القيمة العليا في الوجود البشري على وجه هذه الأرض المشتركة.

الإنسانية: مفهوم ذكره القرآن الكريم بأوضح بيان، لتحقيق تعاونهم من خلال تعارفهم، وإقامة العدل بينهم، وهذا يحتاج منهم تحقق قيمتين بينهم هي:

1- التعارف: نقطة اكتشاف المشترك والمختلف بين البشر لتحقيق التعاون ومنع التظالم والحروب.

2- الشراكة: لضمان الاستقرار والتنمية بين المجتمعات لا بد من هذه الشراكة في تبادل المنافع وتحقيق المصالح بينهم، وتنمية العلاقات.

الأسئلة الكاشفة لتصور الآخر البعيد: معرفة محتوى ثقافة المجتمع في الاطلاع على ثقافة الآخرين والفروق بيننا وبينهم بإنصاف، كما يحدد الجواب عنها بمعرفة احتياجاتنا لدى الآخرين، وما مدى قدرتنا على تقديم خدمات لصالح الإنسانية، وأنها واجب علينا وليس منة منا على أحد، وما مدى اعتزازنا بأنفسنا دون هضم حقوق الآخرين.

التقدم والقيم: لم يحصل التقدم في المجتمع الغربي ويأخذ منه تقدمه بعض الدول الآسيوية بين عشية وضحاها، وإنما استغرق أربعة قرون من الزمان والعمل الدؤوب حتى حققت النهضة الأوربية ما نراه اليوم من منجزات، والصين وكوريا واليابان وماليزيا وسنغافورة اتخذت إجراءات ثقافية واجتماعية وقوانين ومعايير استراتيجية في الإنجاز والرؤى والأهداف لتحقيق خططها التقدمية، ولا يتقدم مجتمع دون مؤسساتية في أنظمتها وإداراتها، وهذا كله يحتاج إلى عقلنة وحسن إدارة وخطط استراتيجية وفهم مختلف متطور جديد، مع التخلص من القيم والمفاهيم المغلوطة المعوقة للتقدم والاستقرار.

اختيار القيــم المؤثــرة حضاريــا، وتحريرها فلسفياً إلى مضاميـن محـددة، ثـم تعميمهـا عبـر كل وسـائل النشـر والتأثير، لتصبــح مســطرة لكشــف الواقــع، ثــم عمــل نظــام الإجــراءات الـذي يبرزهـا كسـلوك خارجـي، ثـم عمـل نمـاذج تطبيقيـة لتمثـل هــذه القيــم، ثــم تعميــم النمــاذج بحيــث تصبــح حاضــرة امــام العيــن، الــى أن يكتســب حضورهــا قــوة التمثــل الاجتماعــي الكامــل، ثــم حراســتها مــن التراجــع او الاختــراق.

المتغيرات بين المجتمع التقليدي والحداثي التقدمي: يقوم على خمس متغيرات هي:

1- نمط انفعالي أو محايد عاطفياً: المجاملات والمبالغات والعواطف والخطابة تحكم المجتمع التقليدي، بينما الضبط النفسي أساس المجتمع التقدمي.

2- نمط تقدير الإنجاز أو المكانة الموروثة: فالمجتمع التقليدي يسأل عن الموروثات، والتقدمي يسأل عن الإنجازات، فيتقدم الصفوف في الأول: الشعبويون، وفي الآخر المبدعون.

3- المجتمع التقليدي يستخدم معايير مزدوجة، والآخر يضع معايير عادلة: لأن الأول تحكمه القرابات والواسطة والمحسوبية، والآخر تحكمه الكفاءات والمؤهلات.

4- نمط التزام التقليديين مفتوح، والآخر محدد مقنن: في المجتمع المتقدم العلاقات مرتبطة بالعمل وتحقيق المهام، بينما في الآخر التقليدي مرتبطة بالفردانية والشخصانية، والمحسوبية والعنصرية.

5- سيادة المصلحة الذاتية عند التقليديين، والمصلحة الجماعية عند التقدميين: فيهدر المال العام في المجتمع التقليدي بينما في الحداثي التقدمي كل قرش فيه يدون وله من يحاسب عليه، حتى هدايا الرؤساء من الدول لا يملكها إذا لم يوافق عليها مجلس النواب وممثلي الشعب.

المخاطر العميقة في مجتمعاتنا:

تتحكم بها الأديان والأعراق، والمذاهب، والطوائف، والجهويات، حتى مدن العالم الثالث تحكم بأخلاقيات القرى والقبائل، وأعراف البادية، مع ما دخل عليها من وسائل حديثة وتقنيات.

على رغم تأسيس جامعات في بلادنا فإنها لم تلامس وتغير في ثقافاتنا العنصرية، والطائفية، والقومية، والقبلية، وتمررها سلوكياتنا وثقافاتنا المتخلفة وحتى حكومات بلادنا، لكسب التأييد الشعبي لصالح البقاء في الحكم، وكل ما جلبه المستعمر لبلادنا من حداثة وتقدم، لكنه أبقى على سلبيات مجتمعاتنا على ما هي عليه، لإضعاف بنيتنا المجتمعية، وتخلفنا، لكن بعض الدول الآسيوية تشكلت كتل حرجة في التغيير، فقادت عملية التطوير والتقدم الذي شاهدناه في صناعاتهم وأنظمة تقدمهم، ولهذا فإن استجلاب أشكال التقدم دون جوهره وعمقه لا يحل مشكلاتنا المستعصية في تخلفنا.

كيف يتم تغيير سلوك أفراد المجتمع؟:

أولاً: المقدرة: تعني تحقيق الممكنات بالتدريج من خلال تغيير أنظمة التعامل مع النظافة، والتربية، والأسرة، ومتطلبات التقدم بالانتظام واحترام النظام.

ثانياً: الرغبة: تعني تغيير قناعات الناس في الرغبة بالإنجاز، وحب العمل، وقيمة الفرد، وتقدير الذات، وصيانة الحقوق وأداء الواجبات.

ثالثاً: التمكين: بوضع سياسات وخطط تأسس لمحاربة الفساد، ومحاسبة المقصرين، وترغيب وتشجيع المبدعين، وتشجيع التنافس في الإنجاز وخدمة التقدم والوطن.

كيف نحافظ على نظام القيم في المجتمعات؟ من خلال نظام آلية التنشئة، وآلية التحكم، الأولى: بنشر ثقافة القيم والمعايير، ومحبة العلم من خلال التربية والتعليم ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة، والثانية: آليات الضبط القانوني والمراسيم الإدارية، والمؤسسات الحكومية والمدنية، بتحديد هدف التقدم، وقيمه الضرورية، والمؤسسات التربوية، ونشر ثقافة التحضر والنهضة، وحماية ذلك كله بنشر الوعي المجتمعي.

تم تلخيصه وقراءته في 15/2/2025م

شارك: