وأبجديات التربية بالحب…لدى صاحب الموقع “محمد نبيل كاظم”.
الأولى: كلمة الحب: كم كلمة حب نقولها لأبنائنا ؟ ” في دراسة تقول أن الفرد إلى أن يصل إلى عمر المراهقة يكون قد سمع مالا يقل عن ستة عشر ألف كلمة سيئة، ولكنه لا يسمع إلاّ بضع مئات كلمة حسنة “، ويضع الأب رأس ابنه على كتفه ليحس بالقرب و الأمن والرحمة، ويقول الأب أنا معك أنا سأغفر لك ما أخطأتَ فيه، وسأنصح لك بالصواب.
ما من أب إلا وهو يحب أولاده بالفطرة، لكن المشكلة أننا لا نعبر لأبنائنا عن حبنا لهم، ولا نخبرهم بذلك، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلـم، حينما أخبره أحد الصحابة بأنه يحب فلانا، فقال له النبي: ” هل أخبرته، فقال لا، فأمره بان يخبر صاحبه، فذهب إليه وأخبره بحبه له في الله، فقال له: ” أحبك الذي أحببتني فيه”، وهكذا ينبغي أن نتعلم من نبينا عليه السلام، فنخبر من نحب بأننا نحبه، زوج، زوجة، ولد، ابنة، صديق، أخ، وهكذا.
الثانية: دثار الحب: يجب على الأب أو الأم كل ليلة، إذا نام الابن أو البنت أن يذهب أو تذهب إليهما، وتضع قبلة على الرأس أو الوجنتين، وسيحس هو بك بسبب لحيتك أو ذقنك، التي داعبت وجهه، أو هالتك، وهي كذلك، فإذا فتحا عين وأبقيا الأخرى مغمضة وقالا مثلاً: “أنت جيت يا بابا “؟؟ فقل لهما ” نعم يا حبيبي ويا حبيبتي” وغطياهما بلحافهما ليناما بسعادة وهناء، ففي هذا الموقف سيكون الابن أو البنت في مرحلة اللاوعي أي بين اليقظة والمنام، وسيترسخ هذا الموقف في عقل كل منهما، وعندما يصحوا من الغد سيتذكرا أن أباهما أتاهما بالأمس وفعل وفعل، أو أمهما، وبهذا الفعل ستقرب المسافة بين الآباء و الأبناء… ويجب أن نكون قريبين منهم بأجسادنا وقلوبنا، حتى يشعروا بأن حياتهم تستحق أن يحييوا لأجلها، ويبذلوا في سبيل تطويرها ونموها.
الثالثة: ضمة الحب: لا تبخلوا على أولادكم بهذه الضمة، فالحاجة إلى الضمة كالحاجة إلى الطعام والشراب والهواء، كلما أخذا منها ما يشبع عاطفتهما، فسيظلا محتاجان لها، وبنفس الوقت هذا الإشباع من العواطف الأبوية، هو الذي يحميهم من عواطف الآخرين الملغومة، ويحرسهم من الانخداع بالعواطف الكاذبة المدمرة، من أصدقاء السوء، التي يراد بها أشياء غير سليمة، وغير مشروعة، فضمات الأبوين، حماية من ضمات أبالسة الجن والإنس، فضمة الحب الأبوية بلسم لكل ولد وبنت في الأسرة الناجحة، والأسرة التربوية.
الرابعة: قبلة الحب: لنتذكر قبّلة الرسول عليه الصلاة والسلام للحسن والحسين، فرآه الأقرع بن حابس فقال: أتقبلون صبيانكم ؟!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ واحداً منهم !! فقال له رسول الله ” أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك”، أيها الآباء إن القبلة للابن هي واحد من تعابير الرحمة، نعم الرحمة التي ركّز عليها القرآن وذكرها، لجذب الناس إلى المعتقد، وحينما تُفقد هذه الرحمة من سلوكنا مع أبنائنا، فنحن أبعدنا أبناءنا عنا سواءً أكنا أفراداً أو دعاة لرسالة الإسلام، قبلة الرأس، وقبلة الجبين، وقبلة يد الصغير، تشبع الحنان المطلون في تربية الأبناء، ولا نخجل أن نقوم بهذا الدور في بيوتنا، ومع أبنائنا وبناتنا، لأنها تعبير صريح عن حبنا لهم، وأن حياتهم تستحق أن يعيشوها بكل فخر وعزة وجدارة.
الخامسة: بسمة الحب: هذه من وسائل الحب ومن يمارسها يكسب محبة من يتعامل معهم، وبعض الآباء والأمهات إذا نُصحوا بذلك قالوا: ” إحنا ما تعودنا ” سبحان الله، وهل ما أعتدنا عليه من جفاء هو الصواب؟ فإذا أردنا أن يبرنا أبناؤنا فلنبرهم ونظهر حناننا إليهم، مع العلم أن الحب ليس التغاضي عن الأخطاء، إن الصور التي يرسمها الطفل في ذهنه عن نفسه، هي أحد نتائج الكلام الذي يسمعه، وكأنه ريشة رسّام إمّا أن يرسمها بالأسود أو يرسمها بألوان جميلة، فالكلمات التي نريد أن نقولها لأطفالنا، إمّا أن تكون خيّرة وإلا فلا، وبعض الآباء يكون كلامه لأبنائه “حط من القيمة، تشنيع، استهزاء، وسخرية، ولوم، وتقريع ” وينتج عن هذا لدى الأبناء “انطواء، وعدوانية، ومخاوف، وعدم ثقة بالنفس”، ورسولنا الكريم كان دائم البشر والتبسم، كأن وجهه فلقة القمر، وأخبرنا بأن من أعظم الصدقات غير المكلفة، تبسمك بوجه أخيك، وأن تلقى أخاك بوجه طلق، أفلا نقتدي بسيد المعلمين والمربين والعالمين، ولنا به أسوة حسنة، حتى أن القرآن وصف نجاحه في تأليف القلوب بالقول: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)159/آل عمران.
وأخيراً خمسة أخطاء لا ينبغي أن يرتكبها الآباء في التعامل مع أبنائهم وخاصة المراهقين:
1- كثرة المحاضرات والأوامر والنواهي، بدلاً من لغة الحوار كأصدقاء.
2- التجاهل، وضعف المقدرة على التواصل، والصمت الدائم، وعدم الاهتمام بأحوالهم.
3- التركيز دوماً على سلبيات الأبناء خاصة المراهق، وتجاهل إيجابياته، مع أن التغافل عن الصغائر لب التربية وأسها، والتركيز على مدح وتعزيز الإيجابيات والأفعال الحسنة.
4- تقييم المشاكل على أساس التفوق الدراسي، لأن حب الأبناء لأنهم أبناء، غير مشروط بأي شرط، سوى أنهم أبناءنا، أما أخطاءهم فنتعامل معها حسب أعمارهم وخبراتهم، وربما كانت بعض أخطائهم، بسبب تقصيرنا في حسن تربيتهم وتوجيههم، أو نوع من التجربة منهم، فنجعلهم يصلحوا أخطاءهم بأنفسهم، من خلال تحملهم مسؤولية أنفسهم، ونوجههم إلى كيفية التعلم من الأخطاء، وكيفية تصويبها، وإصلاح ما يفسدوه.
5- الاعتماد التام على الأم في التربية خطأ كبير، لا بد من توزيع الأدوار بين الأب والأم في تربية الأبناء، فيكون لكل منهم دوره، مع الاتفاق التام على أساليب وطرق تربية الأبناء، على أن تستبعد جميع أساليب العنف والقهر والضرب والاستبداد في تربية الأبناء، ويكون أساسها الحوار والمشاركة والحب والنصح والاحترام.