فيلم ألماني عن تقدم المسلمين أثناء الحروب الصليبية.
وهو الفيلم الوثائقي الألماني الشهير الذي أحدث ضجة كبيرة لأول مرة عند إذاعته – وذلك لأنه من الأعمال الاوروبية القليلة التي اعترفت بالحقائق وأرجعت الحق إلى أهله واوضحت مدى تقدم الحضارة الإسلامية علميا في وقت العصور الوسطى المظلمة النصرانية – وكيف أن الإسلام بتفتحه وحثه الهائل على العلم كان السبب الأول في ذلك التقدم بعكس ما يريد الملحدون والعلمانيون والنصارى تفسيره بتفسيرات أخرى لاستبعاد أثر الدين على علماء المسلمين.
والفيلم الوثائقي يتناول فترة حياة شخصيتين عظيمتين في ذلك الزمان – عالم وسلطان فأما السلطان فهو صلاح الدين الأيوبي ومعركته الفاصلة مع الصليبيين في حطين واستخدامه لكل وسائل النصر والتخطيط والعلم بعد الإيمان والتوكل على الله.
وأما العالم فهو الجزري الشهير – أشهر مهندسي تلك القرون من المسلمين والعرب والغرب كافة – والذي بقيت كتبه واختراعاته تدرس في كل مكان وقرأها لينواردو دافنشي نفسه كما رجحت الموسوعة البريطانية وتأثر باختراعاته الأوتوماتيكية (أي ذاتية الحركة)، وسنعرف في آخر هذا الفيلم الوثائقي كيف انتقلت كتب الجزري وغيره من المسلمين إلى أوروبا – ثم كيف تم إخفائها لتخرج بعد ذلك ويستفيد منها الأوروبيون ويكافئوا المسلمين أسوأ مكافأة للأسف الشديد.
ويذكر الفيلم كيف أن الصليبيين أثناء حروبهم ضد المسلمين، كانوا على جهل شديد وعنجهية وهمجية، لا يعرفون سوى لغة القتل والقتال، دون أن يحسنوا فنونه، بل يكتفون بالضراب والسيف مع تحصنهم بكافة أنواع الدروع والحديد، من رأسهم، إلى أخمص أقدامهم، بينما كان المسلمون متخففون من هذه الأثقال إلا ما يحتاجون إليه للضرورة وبعض الأحيان، وكثيراً ما قاتلوا وهم حسر الرؤوس، ودون دروع، لتوفير الخفة في القتال وسرعة الحركة، كما أنهم وهم يقاتلون، لا يتناسوا التفكير في اختراعات وتكتيكات تساعدهم على سرعة الفوز بالنصر، ومن ذلك تفرغ علماءهم في مختبراتهم العلمية، لاختراع النار المحرقة، شديد الاشتعال، ووضعها في ما يشبه القنابل اليدوية اليوم، وربما وضعوها في أنابيب ما يشبه الصاروخ، بنار دافعة من حبيبات البارود، ونار مشتعلة حين وصولها للهدف المحدد، وكانت هذه الاختراعات مبنية على دراسات علمية في الفيزياء والكيمياء، سطروا نتائج بحوثهم في كتب أذهلت الغربيين بعد هزائمهم المتكررة في حطين والإسكندرية وغيرها من بلاد المسلمين، فسرقوا كثير منها وأخذوه معهم إلى أوروبا بعد رجوعهم إليها لتشكل نواة النهضة الحضارية لأوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ودرست معارفها في مدارسهم وجامعاتهم قرنين واكثر من الزمن، وبعض أمرائهم الذين ولدوا في فلسطين، ورجعوا وحكموا في أوروبا، كانوا حريصين على بناء علاقات طيبة مع المسلمين، واستقدام معلمين يعلموا أبناءهم ورهبانهم هذه العلوم الطبيعية، وكان القساوسة يغتاظون لهذه الأمور، ويعملون على عرقلتها، بسرقة الكتب، أو إظهار البغض والعداء للمعلمين، فحرموا هذا التقارب الذي لو تم ونما لدخلت أوروبا في الإسلام والحضارة الإسلامية بشكل مبكر، وعلى صورة أتم مما حصل اليوم وأمس من جفاء وعداء وبغضاء، نتج عنه معاودة احتلال بلادنا بصورة الاستعمار الحديث، الذي لا زال أثره وآثاره باقية إلى اليوم بعد أن أهملنا نحن تنمية علومنا سابقة الذكر، واكتفائنا بالعلوم الشرعية، والتشدد فيها، والتحجر في فهمها ودرايتها وفقهها مع الأسف الشديد، واليوم بعد تقدم أدوات ووسائل التواصل الاجتماعي في الشبكة الإلكترونية (النت) بدأ شباب الغرب يدرك الدور العظيم الذي قدمته الحضارة الإسلامية للعالم، والعلماء المسلمين، فأخذ يبحث ويغير موقفه السابق في وصم المسلمين بالهمج والبرابرة، وكثير من هؤلاء بدأ في قراءة القرآن، ومعرفة إعجازه، ومن ثم الدخول في الإيمان بالتوحيد، وإدراك أن لا حل للعالم مما هو فيه من إسفاف وانحلال وفوضى، سوى الدخول وقبول الإسلام، وتحكيم القرآن، واتباع سيرة المصطفى هادي البشرية بعد الله صلى الله عليه وسلم، والله المستعان، والحمد لله رب العالمين.