يهودي نمساوي نشر الإسلام في أوروبا

يهودي نمساوي نشر الإسلام في أوروبا

YouTube player

– محمد أسد (ليوبولد فايس سابقاً) سيرة حافلة: (1900- 1992م):

ولد في الإمبراطورية النمساوية الهنجارية عام 1900م، وتوفي في إسبانيا عام 1992م، وهو كاتب وصحفي ومفكر ولغوي وناقد اجتماعي، ومصلح ومترجم ودبلوماسي ورحالة مسلم (يهودي سابقاً)، درس الفلسفة في جامعة فيينا؛ وقد عمل مراسلاً صحفياً، وبعد منحه الجنسية الباكستانية تولى عدة مناصب منها منصب مبعوث باكستان إلى الأمم المتحدة في نيويورك، وطاف العالم ثم استقر في إسبانيا وتوفي فيها ودفن في غرناطة، ويعتبر محمد أسد أحد أكثر مسلمي أوروبا في القرن العشرين تأثيراً.

لقب العائلة “فايس” اسم يعني باللغة الألمانية اللون الأبيض، وهذه إشارة واضحة للأصول الألمانية للعائلة، وكتابة „WEISS“ بتكرار حرف “S„ في نهاية الاسم بدلا من „WEIß “ دليل واضح على الأصول اليهودية للعائلة، واسم والده “كيفا” وكان محامياً، وجده لأبيه كان حاخاماً، فهو الحاخام الأورثوذوكسي “بنيامين أرجيا فايس”، وقد تولّى جده الحاخامية في “تشارنوفيتش” في منطقة بوكوفينا، درس الفلسفة والفن في جامعة فيينا ثم اتجه للصحافة فبرع فيها، وغدا مراسلاً صحفياً في الشرق العربي والإسلامي، ثم زار القاهرة فالتقى بالإمام مصطفى المراغي، فحاوره حول الأديان، فانتهى إلى الاعتقاد بأن “الروح والجسد في الإسلام هما بمنزلة وجهين توأمين للحياة الإنسانية التي أبدعها الله”، ثم بدأ بتعلم اللغة العربية في أروقة الأزهر، وهو لم يزل بعدُ يهودياً.

انتقل للعيش في القدس بعد تلقيه دعوة من أحد أقاربه اليهود – خاله- لزيارته في القدس في الوقت الذي كانت فيه فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وكتب هناك عدة مقالات مهمة أبرزت قلق العرب من المشروع الصهيوني، ثم انخرط في دراسة متعمقة للإسلام، حتى قرر التحول من اليهودية إلى الإسلام في 1926 وهو في برلين وبعد عدة أسابيع من ذلك اعلنت زوجته إسلامها.

قام بالترحال إلى العديد من البلدان، إذ زار مصر والسعودية وإيران وأفغانستان وجمهوريات السوفييت الجنوبية، وزار عمر المختار ليبحث معه إيجاد طرق لتمويل المقاومة ضد الإيطاليين، كما انتقل إلى شبه القارة الهندية التي كانت تحت الاحتلال الإنجليزي، وهناك التقى بالشاعر الكبير والمفكر المسلم محمد إقبال عام 1932، والذي اقترح فكرة تأسيس دولة إسلامية مستقلة عن الهند (والتي أصبحت لاحقاً باكستان)، وقد أقنعه محمد إقبال بالبقاء والعمل على مساعدة المسلمين لتأسيس تلك الدولة.

ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 اعتقل والدا محمد أسد، وقتلا في وقت لاحق في الهولوكوست على يد النازيين، كما أن محمد أسد نفسه اعتقل على يد الإنجليز وسجن ثلاث سنوات باعتباره عدواً.

فور استقلال باكستان عام 1947م وتقديراً لجهوده وتأييده لإقامة دولة إسلامية منفصلة في شبه القارة الهندية، فقد تم منح محمد أسد الجنسية الباكستانية، وتم تعيينه مديراً لدائرة إعادة الإعمار الإسلامي، وفي وقت لاحق التحق بوزارة الشؤون الخارجية، رئيساً لوحدة شؤون الشرق الأوسط عام 1949م، ثم تقرر تعيينه بمنصب مبعوث باكستان إلى الأمم المتحدة في نيويورك عام 1952م، إلا ّ أنه سرعان ما تخلى عن هذا المنصب ليتفرغ لكتابة سيرته الذاتية (حتى سن 32) الطريق إلى مكة الذي ترجم للعربية باسم (الطريق إلى الإسلام).

– قصة إسلامه:

كان ليوبولد فايس رجل التساؤل والبحث عن الحقيقة، وكان يشعر بالأسى والدهشة لظاهرة الفجوة الكبيرة بين واقع المسلمين المتخلف وبين حقائق دينهم المشعّة، وفي يوم راح يحاور بعض المسلمين منافحاً عن الإسلام، ومحمّلاً المسلمين تبعة تخلفهم عن الشهود الحضاري، لأنهم تخلّفوا عن الإسلام، ففاجأه أحد المسلمين الطيبين بهذا التعليق – وهو أمير أفعاني-: “فأنت مسلم، ولكنك لا تدري!”. فضحك فايس قائلاً: “لست مسلماً، ولكنني شاهدت في الإسلام من الجمال ما يجعلني أغضب عندما أرى أتباعه يضيّعونه”! ولكن هذه الكلمة هزّت أعماقه، ووضعته أمام نفسه التي يهرب منها، وظلت تلاحقه من بعد حتى أثبت القدر صدق قائلها، حين نطق (محمد أسد) بالشهادتين.

وعمل في الحجاز والمملكة العربية السعودية، وكان له غرفة في قصر الملك، حين يزوره، يقول له: ” نافح عن إسلامنا في الصحافة الأوربية والغربية”، وأرسله الملك في مهمة إلى الكويت، لكشف من يزود خصومه من آل دويش بالسلاح، قبل أن يتم استكمال تأسيس المملكة، وأرسله الملك السنوسي إلى عمر المختار في ليبيا، في مهمة كذلك، لكونه أوربي لا يشك فيه الطليان.

قام محمد أسد بعد إسلامه بأداء فريضة الحج، ثم سافر إلى باكستان فالتقى شاعر الإسلام محمد إقبال، ثم عمل رئيساً لمعهد الدراسات الإسلامية في لاهور حيث قام بتأليف الكتب التي رفعته إلى مصاف ألمع المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث.

زار عام 1925م طهران في مهمة صحفية فقال: “أدركت السر الذي شدني وهز أعماقي في رؤية الحزن والتعاسة الباديين في عيون الإيرانيين، مما يجعلهم في حالة عبوس دائم خاصة مع الغريب، وكأن حديثهم من شفاههم، بينما أرواحهم هناك في خلفية بعيدة لا تمت للواقع واللحظة بصلة، كمن يضعون أقنعة على وجوههم، وهي تعبر عن القدر المأساوي لشعبهم، ” ذهلتُ لهذه المشاعر الدفينة – في زيارتي لإيران سنة 1925م – ومحَّصت الأمر أكثر، فوجدت أن له علاقة بالفتح العربي لفارس على يد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، الذي به دالت دولة الفرس الكسروية، وكأن الجذور العميقة للقومية الفارسية نزعت من الأرض؛ لكنها لم تغادرها كلية إلى ما أنعم الله عليهم من الإسلام، فحل التأرجح بين ماضي لم ينسى وحاضر لم يزهر تمام الإزهار بحيث يكون أخضراً يانع الخضرة، ” لدى فريق كبير منهم على الأقل” فالإيمان الذي يعبر عن مشاعر الحرية عند العرب، هو يعبر عن الرفض والحزن والتباكي عند الإيرانيين.

مؤلفاته:

  •  منهاج الإسلام في الحكم.
  •  الإسلام على مفترق الطرق.
  •  الطريق إلى الإسلام.
  •  ترجمة وتعليقات على صحيح البخاري.
  •  رسالة القرآن.
  •  الطريق إلى مكة.
  •  كما ترجم القرآن للإنكليزية.

– وقال “أن اليهود حرفوا معاني كتابهم” و” أن البشارة بمحمد ما زالت في النسخ الحالية” وساق التثنية 18: 18 كمثال.

– من أقواله: الإسلام ليس فلسفة ولكنه منهاج حياة.. ومن بين سائر الأديان نرى الإسلام وحده يعلن أن الكمال الفردي ممكن في الحياة الدنيا، ولا يؤجل هذا الكمال إلى ما بعد إماتة الشهوات الجسدية، إن استعداد المجتمع للتعاون وفق مبادئ الإسلام لتحقيق غايته، سوف يظل استعداداً نظرياً ما لم تكن هناك خلافة مسؤولة عن تطبيق الشريعة الإسلامية ومنع الخروج عليها، ومثل هذه المهمة لابد لها من أن توسد إلى مرجع له من السلطة ما يتيح له الأمر والنهي.

– ويقول محمد أسد: “جاءني الإسلام متسللاً كالنور إلى قلبي المظلم، ولكن ليبقى فيه إلى الأبد، والذي جذبني إلى الإسلام هو ذلك البناء العظيم المتكامل المتناسق الذي لا يمكن وصفه، فالإسلام بناء تام الصنعة، وكل أجزائه قد صيغت ليُتمَّ بعضها بعضاً، ولا يزال الإسلام بالرغم من جميع العقبات التي خلّفها تأخر المسلمين أعظم قوة ناهضة بالهمم عرفها البشر، لذلك تجمّعت رغباتي حول مسألة بعثه من جديد”.

– ويقول: “إن الإسلام يحمل الإنسان على توحيد جميع نواحي الحيا إذ يهتم اهتماماً واحداً بالدنيا والآخرة، وبالنفس والجسد، وبالفرد والمجتمع، ويهدينا إلى أن نستفيد أحسن الاستفادة مما فينا من طاقات، إنه ليس سبيلاً من السبل، ولكنه السبيل الوحيد، وإن الرجل الذي جاء بهذه التعاليم ليس هادياً من الهداة ولكنه الهادي.

مشاركة :